رسالة تعزية الأمين العام للجماعة بوفاة الأستاذ ابي بكر حسن زاده

في برقية تعزیة أعرب الأمين العام لجماعة الدعوة والإصلاح عن تعازيه بوفاة المترجم الكبير للكتب الإسلامية الأستاذ أبي بکر حسن زاده وفيما يلي نص رسالته:

بسم الله الرّحمن الرّحیم

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ‎﴿فصلت: ٣٠﴾‏
بقلوب مفعمة بالإیمان والرضا بقدر الله تلقینا نبأ وفاة الأستاذ العالم والباحث الشهیر والمترجم الکبیر الأستاذ أبي بكر حسن زاده الذي كرس حياته المباركة لشرح معارف القرآن الكريم ونشر سنة نبي الرحمة والعلوم الإسلامية. ومما لا شك فيه أن الخدمات القيمة التي قدمها هذا المفكر الرفيع، وخاصة ترجمة الأحاديث النبوية الصحيحة، والتي هي ثمرة نضاله الدؤوب ونبذة معارفه الشاملة، ستستخدم كثروة روحية ورأس مال ثقافي للأجيال داخل الوطن وخارجه وکباقیات صالحات سيستفيد من ثوابها المستمر بجانب رحمة الله اللامتناهية.

فإنني أصالة عن نفسي ونيابة عن إخواني وأخواتي في جماعة الدعوة والإصلاح، أتقدم بخالص العزاء والمواساة إلی عائلته الكريمة وطلابه والمهتمين به، وإلى المجتمع السني في إيران وعامة باحثي القرآن والعلماء ومحبي الثقافة في البلاد، وخاصة شعب كردستان المتفهم والمقدر ومدينة سنندج بلد الثقافة والأدب وأسأل الله العظيم له الدرجات العلی من الجنة ولذویه وأهله الصبر والسلوان والأجر الجزیل.

اللَّهمَّ اغفرْ لَهُ وارحمهُ وعافِهِ واعفُ عنهُ وأكْرِم نُزَلَهُ ووسِّع مُدَخلَهُ واغسلْهُ بالماءِ والثَّلجِ والبَردِ ونقِّهِ منَ الخطايا كما نقَّيتَ الثَّوبَ الأبيضَ منَ الدَّنسِ وأبدِلهُ دارًا خَيرًا مِن دارِهِ وأهلًا خَيرًا مِن أهلِهِ وأدخِلهُ الجنَّةَ ونجِّهِ منَ النَّارِ.

نبدة من حياة الأستاذ أبي بكر حسن زاده

الأستاذ أبو بكر حسن زاده هو أحد المفكرين والمترجمين المشهورين في كردستان وإيران، ولد عام 1317 الشمسي في عائلة متدینة في بوكان وكان آخر أبناء العائلة وفقد والده وهو في السنة الأولى من عمره وذاق طعم اليتم. وبعد وفاة والده اهتمت والدته به وبإخوته وأخواته الخمسة، لم يكن عمر أكبرهم يتجاوز 14 عامًا.

بدأ حسن زاده دراسته في مدرسة العلوم الدينية في مسقط رأسه، وفي ثلاث سنوات درس کتباً عدة منها كلستان سعدي، وجزءاً من بوستانه، والتصريف الزنجاني، والعوامل الجرجاني وفي عام 1334، ومن أجل مواصلة تعليمه، ترک مسقط رأسه قاصداً قری تابعة لمدینتي بوکان وسقز في طلب العلوم العلوم الدينية واستفاد من أساتذة بارزين وتلقی علوماً في الصرف والنحو والفلسفة والمنطق والفقه والأصول ثم توجه إلى دار العلم بمنطقة مكريان بقرية حمامیان التابعة لبوكان لاستكمال المراحل النهائية من دراسة العلوم الدينية ودرس كتابي "المطول" في علم البلاغة و"جمع الجوامع" في الأصول وأخيرا في سنة 1341 نجح في الحصول على الإجازة العلمیة علی ید علماء مدرسة العلوم الدينية في مهاباد.

قضی ست سنوات في منصب إمام الجماعة وانخرط في الوعظ وإرشاد الناس وتدريس العلوم الدينية للمهتمين بالعلم والأدب. وفي عام 1345 شارك في اختبار التأهیل العلمي للطلاب في طهران وتم قبوله، وبعد حصوله على شهادة التدريس تم توظیفه في منظمة الأوقاف عام 1347. وفي عام 1351، شارك في امتحان القبول الوطني وتم قبوله في فرعي اللغة العربية وآدابها في جامعة مشهد وعلم الاجتماع في جامعة طهران في نفس الوقت، واکتفی بدراسة علم الاجتماع في جامعة طهران. وبعد حصوله على البكالوريوس، في عام 1356هـ عين رئيساً لدائرة أوقاف مهاباد.

وخلال فترة ولايته بذل جهوداً كبيرة لتحسين أحوال رجال الدين والمدرسين وطلبة العلوم الدينية في المنطقة، وإصلاح وترميم المساجد ومدارس العلوم الدينية والأماكن الدينية، وزيادة دخل الأوقاف وتقديم خدمات قيمة. 

انتقل إلى مدينة سنندج عام 1363 وعمل في دائرة أوقاف هذه المدينة حتى عام 1371، وارتبط خلال هذه الفترة بشيوخ مثل السيد عمر بارسا والدكتور مصطفى خرمدل والدكتور محمود إبراهيمي، كما أنه قام بالبحث والترجمة وترجم ونشر العديد من الكتب القيمة. وفي عام 1371هـ، انتقل إلى مدينة تبريز وبعد أن عمل لفترة في ديوان أوقاف هذه المدينة، حظي باحترام كبير من قبل مدير ذلك الديوان والعاملين فيه بسبب أخلاقه وسلوكه وحسن خلقه، وكان یعمل في جو هادئ جداً مليئ بالحب والثقة، وقام بترجمة كتب أخرى وأعدها للنشر. وأخيرا، في عام 1379، بعد 32 عاما من الخدمة، نال شرف التقاعد وعاد إلى مدينة سنندج، ومنذ ذلك الحين تفرغ للتدريس والبحث والترجمة ونشر التعاليم الدينية والإنسانية.